شراء هاتف بميزانية محدودة هذه الأيام أشبه بالمهمة المستحيلة. مبدئيًا، يجب أن تترك هواتف الفئة الرائدة خلف ظهرك، وتبدأ بالتفكير بين خيارين: هاتف ايفون قديم أو هاتف أندرويد جديد من الفئة المتوسطة. ولكن أي الخيارين أفضل؟
هاتف ايفون قديم أو أندرويد جديد من الفئة المتوسطة
من وجهة نظري الشخصية، فإنني أميل أكثر إلى فكرة شراء هاتف ايفون قديم، ليس من أجل الهيبة والتفاخر بامتلاك هاتف ايفون، فهذا هو آخر شيء يجب أن يكترث له محدودي الدخل. ولكن هناك العديد من الأسباب المنطقية التي تجعلني أضع هاتف ايفون قديم في كفة، وجميع هواتف الأندرويد الجديدة متوسطة التكلفة في كفة أخرى.
■ الدعم البرمجي الأفضل
من السهل أن يقع معظم الأشخاص قليلي الخبرة في فخ التركيز على المواصفات الفنية الأحدث والميزات الجديدة، متناسيين تمامًا أن الدعم البرمجي والسوفتوير لا يقل أهمية عن المواصفات الفنية والمكونات المتطورة. بالطبع، يمكنك شراء هاتف أندرويد جديد من الفئة المتوسطة ومعاملته معاملة راقية للحفاظ عليه أطول فترة زمنية ممكنة. ولكن إلى متى؟
في النهاية، اعتمادًا على الشركة المُصنعة لهاتفك، سوف يتوقف هاتفك عن تلقي أي تحديثات جديدة بعد عدة سنوات من إطلاقه في الأسواق، ولن تتمكن من الوصول إلى أحدث الميزات، وسوف يفتقر إلى دعم معظم التطبيقات، وسوف يتباطأ أداؤه بمرور الوقت – ليس لأنه أصبح قديم ولكن لأنه يفتقد الدعم البرمجي المناسب للتعامل بشكل ملائم مع الإصدارات الأحدث من البرامج والتطبيقات والألعاب.
أما بالنسبة لشركة ابل، فهي تتعامل مع جميع هواتفها الايفون سواسية، وهذا لأنها لا تطلق الكثير منها سنويًا. مثلها مثل مُصنعو الأندرويد، فهي تقوم بطرح المزيد من التحديثات البرمجية بصورة منتظمة لمواكبة متطلبات التطبيقات الحديثة وتحسين تجربة المستخدم مع الهاتف. وكما تطرقنا سابقًا في مقال كم مدة دعم الايفون، فإن شركة ابل تدعم هواتفها لمدة تتراوح من ستة إلى ثماني سنوات.
هذه فترة أطول بكثير مما يقدمه صانعي الأندرويد لهواتفهم الذكية، خاصةً هواتف الفئة المتوسطة. الميزة التي تقدمها ابل لهواتف الايفون لا تُقدّر بثمن بخس، فمن الرائع أن تمتلك هاتف مضمون مستقبلاً. ويجب أن تكون قادرًا على الاستفادة من هاتفك لعدة سنوات قبل أن تتخلص منه. هذا هو بالضبط ما ستحصل عليه مع هاتف ايفون قديم ولن تحصل عليه مع هاتف أندرويد جديد متوسط المدى.
في حين أن بعض شركات الأندرويد قدمت بالفعل عروض مغرية للغاية خلال العام الماضي، أمثال سامسونج وجوجل، ولكن سياسة الدعم الجديدة الممتدة حتى سبع سنوات لا تنطبق على هواتفهم متوسطة المدى. أما بالنسبة للشركات الأخرى أمثال OnePlus و Xiaomi و Vivo و Oppo وغيرها من صانعي الأندرويد، فإن حصلت معهم على ثلاث سنوات من الدعم، يكون الأمر وكأنك امتلكت الدنيا وما فيها، إذ يُعرف عن صانعو الأندرويد الصينين بقلة سنوات الدعم الشحيحة التي يقدموها لهواتفهم.
ومن ناحية أخرى، فلقد أكدت شركة جوجل أنها ستتوقف عن دعم هاتف Pixel 6a في عام 2025 على الرغم من أنه لن يبلغ من العمر سوى ثلاث سنوات فقط عندما تتوقف الشركة عن دعمه. لذلك باختصار شديد، يضمن لك شراء هاتف ايفون قديم الاستفادة من هاتفك الذكي لعدة سنوات أطول بفضل استمراره في الحصول على الدعم البرمجي المناسب.
■ نظام ابل البيئي أفضل كثيرًا
إذا كنت تمتلك أجهزة أخرى من شركة ابل، مثل الايباد أو أجهزة MacBook، فمن الأفضل أن تفكر في امتلاك هاتف ايفون، حتى وإن كان هاتف ايفون قديم. السبب في ذلك هو أن شركة ابل توفر نظام بيئي متكامل يعمل بالتزامن مع جميع أجهزتها بشكل رائع، وهذا الأمر لن تحصل عليه في حال شرائك لهاتف أندرويد.
على سبيل المثال، خاصية AirDrop لنقل الملفات بسرعة فائقة بين هاتفك الايفون وجهاز MacBook الخاص بك في ثوانِ، يمكنك استخدام كاميرا الايفون على جهاز MacBook أثناء حضور مؤتمرات الفيديو، يمكن مزامنة جميع بياناتك بين جميع أجهزتك باستخدام حساب آيكلاود الخاص بك.
أما عندما يتعلق الأمر بالأمان، فهذا محور آخر تنفرد فيه شركة ابل بالتميز والابتكار. فمثلاً إذا تم اكتشاف ثغرة أمنية في نظام iOS أو macOS، تستطيع شركة ابل إصلاح هذه الثغرة على وجه السرعة وإجراء التغييرات اللازمة لحماية بياناتك، وهذا لأنها تتحكم في جميع أنظمة التشغيل الخاصة بأجهزتك.
أما بالنسبة للأندرويد، فيجب أن يتأخر الأمر بضع أيام أو حتى بضع أسابيع قبل أن تحصل على الأمان المناسب، وهذا لأن نظام أندرويد مفتوح المصدر، وكل صانع أندرويد يستخدم واجهة مُخصصة لنظام التشغيل. ولكن بالنسبة لشركة ابل، فإن إصلاح الثغرة على جميع الأجهزة سيكون بالتزامن وفي آن واحد. وبالتالي، إذا كنت تولي الخصوصية والأمان قدر أكبر من الأولوية، فإن هاتف ايفون قديم سيكون خيارًا أفضل لنظامك البيئي.
■ هاتف ايفون قديم هو الأفضل من حيث الأداء المستدام
على مر السنين، احتكرت شركة ابل المركز الأول لهواتفها الايفون بفضل معالجات Apple A-Series التي يتم تطويرها خصيصًا لهواتف الايفون، والتي عادةً ما تكون متفوقة بمراحل عن المنافس، سواء من حيث التكنولوجيا والابتكارات الحديثة بشكل عام، أو على صعيد مستوى الأداء بشكل عام.
عندما تطلق شركة ابل الإصدار الجديد من معالج Apple A-Series، دائمًا ما يكون متفوقًا على معالجات كوالكم وميديا تيك المستخدمة مع الأندرويد بفارق سنوات ضوئية. فحتى أفضل وأقوى هاتف أندرويد في السوق يكون متخلفًا عن اللحاق بالركب مع معالج الايفون الجديد. فما بالك إذا كنا نتحدث عن هاتف أندرويد من الفئة المتوسطة والذي لن يحتوي بالتأكيد على أقوى معالجات كوالكم؟
على سبيل المثال، يمكنك مقارنة معالج مثل Apple A15-Bionic الذي تم إطلاقه مع هواتف iPhone 12 منذ عامين مع هاتف OnePlus 10T الذي وصل مع معالج Snapdragon 8+ Gen 1 SoC. فلقد استطاع هاتف ايفون تحقيق 4502 نقطة في الاختبار المستند إلى تعدد النوى، بينما حقق هاتف OnePlus 10T في نفس الاختبار 3833 نقطة فقط. فعلى الرغم من أن هاتف OnePlus هو الأحدث، إلا إنه لم يتمكن من مواكبة معالج A15-Bionic من ابل.
هذه الفجوة الكبيرة في معايير الأداء ثابتة على أساس سنوي، فكلما قدمت شركة كوالكم معالج أقوى للاقتراب من أداء معالجات شركة ابل، قدمت ابل في العام التالي معالج أحدث يتسبب في صنع فجوة كبيرة بينه وبين معالجات المنافس مرة أخرى.
ومع ذلك، نحن نتحدث عن هواتف الأندرويد متوسطة المدى التي عادةً ما تكون بأسعار ميسورة. تمتلك هذه الهواتف معالجات جيدة للغاية، ولكنها لا ترتقي أبدًا لمستوى التحدي مع هواتف الايفون، حتى وإن كنا نتحدث عن هاتف ايفون قديم. قارن بنفسك أداء المعالج الموجود في هاتف ايفون قديم تخطط لشرائه مع نتائج المعالج الموجود في هاتف الأندرويد الذي ترغب في شرائه، وتأكد أنك ستخرج من هذه المقارنة بفوز معالج ابل.
حتى هذه اللحظة، لا تزال هواتف ايفون 12 التي تم إطلاقها منذ أربع سنوات قادرة على التعامل مع المهام المعقدة بشكل ممتاز، بما في ذلك الألعاب وتحرير الصور والفيديو والتبديل بين التطبيقات وتصفح الويب وتشغيل الفيديوهات عالية الجودة والتصوير عالي الدقة وكل شيء آخر.
■ التصميم وجودة التصنيع يلعبان دور كبير
نظام أندرويد مفتوح للجميع ومتاح لجميع العلامات التجارية من أجل استخدامه، هذا يعني أنه بإمكان أي صانع أندرويد تقديم المزيد من الخيارات من الأحجام والأشكال لفئات مختلفة من المستخدمين. هذه ميزة رائعة لمحبي التنوع لأنه يضمن لهم إيجاد ما يناسب أو يتطابق مع أذواقهم.
ولكنه يُمكن أن تتحول هذه الميزة إلى عيب خطير أيضًا إذا ما أخذنا في الاعتبار جودة بناء وتصميم الهاتف. لا تفرض شركة جوجل معايير قياسية على جودة البناء وتصميم هواتف الأندرويد. فمن الممكن أن تحصل على هاتف أندرويد متوسط المدى بإطارات بلاستيكية، أو من الممكن أن تقوم بشراء هاتف أندرويد متسوط المدى بتصنيف IP54 لمقاومة الماء والغبار.
انظر في المقابل إلى هواتف ايفون 12 على سبيل المثال التي تتمتع بجودة بناء مرموقة وتصنيف IP68 لمقاومة الماء والغبار. هذا لأن شركة ابل تتعامل مع هواتفها الرائدة معاملة واحدة، فجميعها من الفئة الرائدة، حتى وإن اختلفت قليلاً في جودة البناء، إلا إنها جمعيًا تتمتع بجودة بناء عالية ومواد خام باهظة الثمن.
فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تصنيف مقاومة الماء والغبار، فإن تصنيف IP68 يضمن حماية هاتفك في حالة تعرض للسقوط في الماء على عمق 1.5 متر، في حين أن هاتفك الأندرويد قد يتعرض للتلف في مثل هذا السيناريو الكارثي. على الرغم من أن الماء لا يزال العدو الأخطر على جميع الأجهزة التقنية والذكية، ولكن على الأقل، فرصة خروج هاتفك الايفون من هذه الكارثة سالمًا دون أي تلفيات كبيرة جدًا مقارنةً بهواتف الأندرويد متوسطة المدى.
■ امتلاك هاتف ايفون قديم أفضل كثيرًا
تكمن قوة هواتف الايفون في نظامها البيئي ومدى سلاسة تجربة الاستخدام المريحة مع أجهزة ابل الأخرى. هاتف ايفون قديم سيكون أفضل من هاتف أندرويد جديد من الفئة المتوسطة إذا كنت تمتلك العديد من أجهزة ابل الأخرى. ستتمتع أيضًا بفترة دعم طويلة جدًا مع هاتف ايفون قديم قبل أن تفكر في استبداله وشراء هاتف آخر. هواتف الايفون هي الأكثر متانة والأعلى جودة، ومن المفترض أن تكون مضمونة في المستقبل بشكل أفضل مقارنة بهواتف الأندرويد. فقط عليك أن تتأكد من الشخص الذي تود شراء الهاتف منه، وإليك أهم النصائح التي تقدمها شركة ابل عند التفكير في شراء هاتف ايفون مملوك من شخص آخر في الماضي.
