إحدى أكثر المشاكل شيوعًا التي تواجه مالكي أجهزة الكمبيوتر المتطورة عالية الأداء هي ارتفاع درجات الحرارة التي تصل لها مكونات الحاسوب نتيجة الاستهلاك المرتفع للطاقة. تبدو وكأنها مشكلة أزلية لا مفر منها، ولكن هل من الممكن أن يتغير هذا الحال في المستقبل؟ نعتقد أن الإجابة هي “نعم”، حيث تم ابتكار تقنية تبريد جديدة تعتمد على أشعة الليزر، والتي لن تساعد في تبريد الرقائق فحسب، وإنما قد تتمكن من تحويل الحرارة إلى طاقة كهربائية.
لا يُمكن إنكار الجهود التي تبذلها شركات الهاردوير لتوفير أنظمة تبريد احترافية وعالية الكفاءة لمكونات الحاسوب هذه الأيام. ولكن لأنظمة التبريد الحالية العديد من المزايا والعيوب. عادةً ما تكون حلول التبريد الهوائية أرخص تكلفة، لكنها ليست فعالة للغاية مقارنةً بحلول التبريد السائل، بينما يعد التبريد المائي المفتوح أحد أفضل حلول التبريد على الإطلاق، إلا إنه لا يزال مكلّفًا ومحفوفًا بالكثير من المخاطر في حال لم يتم تركيبه بخبرة وعناية شديدة.
لذلك، تُجرى حاليًا العديد من الأبحاث لتطوير أساليب تبريد جديدة، ليست أكثر أمانًا من حيث السلامة فحسب، ولكنها أكثر فعالية كذلك من حيث الأداء، ما يجعلها خيارًا استثنائيًا من جميع نواحِ المعايير الصناعية.
نظام تبريد بأشعة الليزر لتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية
بينما تستثمر شركات التكنولوجيا بالتركيز على تطوير أنظمة معالجة عالية الأداء، إلا أن هذه التطورات تحول دون تحقيق أقصى إمكاناتها بسبب مشكلات الاختناق الحراري “Thermal Throttling” نتيجة وصول الشرائح إلى درجات حرارة مرتفعة وخطيرة قد تلحق الضرر بمكونات الرقاقة.
من أجل هذا، تختبر إحدى شركات التكنولوجيا الناشئة حلول وأساليب تبريد مبتكرة لتغيير الآلية التقليدية التي تعمل بها أنظمة التبريد الحالية. وقد يُمكن تحقيق ذلك مع أجهزة الكمبيوتر عالية الأداء باستخدام الليزر، بدورها، ستسهم في تبريد المكونات بفعالية أكبر، إلا إنها أقل خطورة من أساليب التبريد الحالية.
بدعم مباشر من مختبرات سانديا الوطنية الأمريكية، تحاول إحدى الشركات الناشئة التي تحمل علامة Maxwell التجارية، تطوير تقنية تبريد بالليزر لأجهزة الكمبيوتر عالية الأداء. تختلف هذه الطريقة في التبريد عما هو شائع عن أشعة الليزر بشكل عام. فمن المعروف أن تركيز أشعة الليزر فوق أي سطح ما سيؤدي إلى تسخينه وسيتسبب في ارتفاع حرارته. ولكن التقنية تتوقف هذه المرة على المادة المستهدفة.
تستخدم هذه التقنية الجديدة صفائح باردة مصنوعة من مركبات كيميائية تُعرف باسم “زرنيخيد الغاليوم فائق النقاء” والذي يُحدث تأثيرًا معاكسًا عند تلقيها أشعة الليزر بأطوال موجية مُحددة، ما يجعل طبقات الصفائح قادرة على تشتيت الحرارة من الأسطح التي يتم تسليط عليها الضوء مباشرةً.
وماذا عن التحديات؟
يبدو الأمر أكثر صعوبة مما يبدو لأنه يتطلب دمج التقنية بداخل أشباه الموصلات الإلكترونية للشرائح نفسها، حيث يتم وضع صفائح “زرنيخيد الغاليوم فائق النقاء” في المناطق التي تتعرض لارتفاع الحرارة داخل الشرائح. لا تتميز هذه التقنية بقدرتها على التبريد الأكثر فعالية فحسب، وإنما هي تسمح بتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية مرة أخرى أيضًا.
هذا لا يعني أننا قد نرى هذه التقنية خلال وقت قريب. فمن أكبر التحديات التي ستواجه هذا النظام هي تكلفته المرتفعة. تشير التقديرات الأولية أنه التكلفة المحتملة من أجل دمج التقنية بداخل رقاقة بحجم 200 هي 5000$ دولار أمريكي، أي ما يعادل ضعف تكلفة إنتاج رقائق السيليكون 100 مرة على أقل تقدير. التكلفة المرتفعة ليست العقبة الوحيدة، وإنما التحدي الأكبر هو كيف سيتم دمج ترانزستورات بهذه التقنية داخل رقاقة السيليكون، الأمر الذي يتطلب المزيد من الاستثمارات.
من الواضح أن تكلفة إنتاجها، بالإضافة إلى تحديات تطويرها، من الأسباب التي تجعل إمكانية تطبيق هذه التقنية في أجهزة الكمبيوتر عالية الأداء – كتلك المستخدمة في مراكز البيانات والخوادم السحابية – أمرًا شبه مستحيلاً في الوقت الراهن.
بالرغم من ذلك، فلقد أكدت مختبرات “Maxwell” أنها تستعد للانتهاء الجزئي من العمل على النموذج العملي الأولي لهذه التقنية خلال خريف 2025، بينما سيتم تأجيل تقديم عرضها الشامل لوقت لاحق، وتحديدًا حتى عام 2027.