المفتاح الأساسي لفهم الواقع المنظور منذ سنواتٍ طويلة هو السببية، فمثلاً من المحتوم أن سقوط لوح من الزجاج على الأرض سيؤدي إلى انكساره وتحطمه. لكن هذا مختلف في عالم الكم الغريب جداً، حيث يستغل العلماء تلك القوانين العجيبة الآن لشحن البطارية الكمومية!
سمعنا جميعاً من قبل عن الحوسبة الكمومية والإنترنت الكمومي، وهي تقنيات جديدة متطورة جداً وتغير مفهومنا بشكلٍ كامل للكون المادي والفيزياء التي اعتدنا عليها، ولكن هذه أول مرة يظهر فيها تقارير عن “البطارية الكمومية”.
- اقرأ أيضاً: شركة QuantumScape تكشف عن بطارية الليثيوم المعدنية الجديدة: تغيير مفهوم السيارات الكهربائية
ما هي البطارية الكمومية؟
يمكن القول أن البطاريات الكمومية تعمل بمبدأ “المفارقات”، حيث يتم تخزين الطاقة نظرياً في الحالات الكمومية للذرات والجزيئات، ولكن مع وجود عناصر الكم، تظهر أمور غريبة كالعادة. وفي دراسة حديثة، وُجد أن هذه البطاريات يمكن أن تعمل من خلال خرق مبدأ السبب والنتيجة الذي نعرفه.
قال يوانبو تشن، مؤلف هذه الدراسة: “البطاريات الحالية للأجهزة منخفضة الطاقة، مثل الهواتف الذكية أو أجهزة الاستشعار، تستخدم عادة مواد كيميائية مثل الليثيوم لتخزين الشحن، في حين تستخدم البطارية الكمومية جزيئات مجهرية مثل صفائف الذرات”. “بينما تخضع البطاريات الكيميائية لقوانين الفيزياء الكلاسيكية، فإن الجسيمات المجهرية ذات طبيعة كمومية، لذلك لدينا فرصة لاستكشاف طرق استخدامها التي تثني أو حتى تكسر مفاهيمنا البديهية حول ما يحدث على نطاقات صغيرة”. “أنا مهتم بشكلٍ خاص بالطريقة التي يمكن أن تعمل بها الجسيمات الكمومية على انتهاك إحدى تجاربنا الأساسية، ألا وهي تجربة الزمن”.
في عالم الفيزياء الكلاسيكية، حيث يتم التعامل مع الأشياء بمقاسات كبيرة نسبياً، تكون السببية حتمية، لأن سقوط الزجاج (الحدث A) يؤدي إلى تحطمه بشكلٍ واضح (الحدث B)، والعلاقة بين تلك الأحداث غير قابلة للعكس، فالزجاج لم يسقط لأنه تحطم! ولكن، في عالم فيزياء الكم، يمكن تجاوز هذا القيد، حيث يظهر أن العلاقة بين الأحداث يمكن أن تكون غير حتمية. وبفضل ذلك، يعتقد العلماء أن تجاوز الحتمية في حالاتٍ كهذه يمكن تحويله إلى بطارية كمومية أكثر كفاءة وفعالية من البطاريات الموجودة حالياً.
في الدراسة الجديدة، قام علماء في جامعة طوكيو بتنفيذ تجربة ضمن معمل باستخدام أشعة الليزر وعدسات ومرايا، حيث تعمل معاً كبطارية كمومية كبيرة الحجم. عادةً، يتطلب شحن هذه البطاريات مراحل متعددة تتبع بعضها البعض، ولكن الفريق استفاد من تأثير النظام السببي غير المحدد (ICO). ببساطة، عند تحويل النظام إلى حالة التراكب الكمي، يمكن للنظام السببي إيجاد تأثيرين في اتجاهين بنفس الوقت، مما يتيح لخطوات الشحن المتعددة العمل معًا بدلاً من التتابع.
قال تشين: “مع ICO، أثبتنا أن الطريقة التي تشحن بها بطارية مكونة من جزيئات كمومية يمكن أن تؤثر بشكلٍ كبير على أدائها”. “لقد شهدنا مكاسب هائلة في كل من الطاقة المخزنة في النظام والكفاءة الحرارية. وبشكلٍ مخالف إلى حدٍ ما، اكتشفنا التأثير المفاجئ للتفاعل الذي هو عكس ما قد تتوقعه: يمكن لشاحن منخفض الطاقة أن يوفر طاقات أعلى بكفاءة أكبر من الشاحن ذو الطاقة الأعلى الذي يستخدم نفس الجهاز”.
قد يكون من تخيل ذلك للعديد من الأشخاص، ولكن يمكن أن تصبح البطاريات الكمومية واقعًا في المستقبل. حاليًا، يقتصر وجودها على التجارب المخبرية، ولكن العلماء يقومون باستكشاف جوانب مختلفة بهدف تحقيق وحدة متكاملة تجمع تلك العناصر المختلفة معًا.