قام علماء فيزياء ضمن مركز الحوسبة الكمومية في معهد فلاتيرون في نيويورك بابتكار مادة جديدة فريدة من نوعها. تتميز تلك المادة بأن الذرات فيها تمتلك بعدين متزامنين من الزمن، على الرغم من تواجدهما في نفس الزمن الفعلي. الفيزيائيون ابتكروا هذه المرحلة الغريبة من المادة من خلال إطلاق نبضة ليزر تعتمد على متتالية فيبوناتشي على الذرات المستخدمة داخل الكمبيوتر الكمي. يُعتقد أن هذا التطور قد يمثل طفرة في مجال الحوسبة الكمومية، حيث يمكن أن يقلل من الأخطاء في تخزين المعلومات الكمية بشكلٍ كبير. على الرغم من أن هناك تدهوراً للبيانات، إلا أن هذا التدهور يحدث بمعدل أبطأ بكثير مما كان عليه في السابق.
اكتشاف جديد في الحوسبة الكمومية
أكد المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، فيليب دوميتريسكو، أنه كان يعمل على هذه النظرية لأكثر من خمسة سنوات، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تم فيها تطبيقها عملياً في التجارب. تم تنفيذ نظريتهم من خلال إضاءة أيونات الإتيربيوم باستخدام نبضات ليزر داخل أجهزة الحوسبة الكمومية. عندما تم تصادم الأيونات بنمط متكرر قياسي (AB, AB, AB…)، تمكنوا من الحفاظ على حالة كمومية للكيوبتات لمدة 1.5 ثانية، وهذا ما لفت انتباههم بشكل مذهل.
ولكن عندما قاموا بإضاءة الأيونات وفقًا لتسلسل فيبوناتشي (A، AB، ABA، ABAAB، ABAABABA…)، لاحظوا أن الكيوبتات ظلت في حالتها الكمومية لمدة 5.5 ثانية. هذه النتائج مذهلة بالنظر إلى أن متوسط عمر الكيوبت يبلغ حوالي 500 نانو ثانية (0.00000005 ثانية). يعود هذا العمر القصير إلى حقيقة أن الكيوبت يفقد حالته الكمومية (التي تتضمن الحالتين 1 و0) في كل مرة يتم فيها ملاحظته أو قياسه، وحتى عند التفاعلات مع الكيوبتات الأُخرى قد تؤدي إلى تدمير هذه الحالة الكمومية.
يمكن توضيح العمليات الفيزيائية التي تشكل أساس تلك التجربة على نمط فسيفساء بنروز. مثل البلورات النموذجية، هذه “الشبه بلورة” تحتوي على شبكة مستقرة، ولكن بنية غير متكررة. هذا النمط هو تمثيل ثنائي الأبعاد لشبكة مربعة خماسية الأبعاد. أراد الباحثون إنشاء نفس البنية المتماثلة، لكنهم لم يبنوها في المكان، بل في الزمان.
فسيفساء بنروز
استخدم الفيزيائيون ليزراً نابضاً بتسلسل فيبوناتشي لإنشاء كيوبت ذي أبعاد أعلى له “تناظر زمني”. يعتمد تكوين نمط فسيفساء بنروز على تعديل شبكة مربعة ثلاثية الأبعاد مع إضافة عنصر زمني بواسطة نابض الليزر بنمط فيبوناتشي لإنشاء بنية متماثلة في الزمان. هذه التجربة تعتمد على عدة عمليات فيزيائية مهمة لفهم نمط فسيفساء بنروز. النقاط الرئيسية للعمليات الفيزيائية هي:
- شبكة مربعة خماسية الأبعاد: تمثل البلورة أساساً شبكة مربعة ثلاثية الأبعاد. يتم تعديل هذه الشبكة لإنشاء البنية غير المتكررة المميزة لنمط فسيفساء بنروز.
- تناظر زمني: في هذه التجربة، يتم إنشاء البنية المتماثلة ليس في المكان بل في الزمان. هذا يعني أن النمط يتغير مع مرور الوقت بنفس الطريقة الذي يتغير بها النمط في الفضاء.
- استخدام نابض الليزر بتسلسل فيبوناتشي: يتم استخدام نابض الليزر بنمط فيبوناتشي لإنشاء الكيوبت ذي الأبعاد الأعلى والذي يحمل التناظر الزمني. هذا يشبه النمط الذي يمكن رؤيته في فسيفساء بنروز.
عند ضغط الكيوبت في الفضاء رباعي الأبعاد، ينتج لديه بعدان زمنيان، والبعد الزمني الإضافي يساهم في حماية الكيوبت إلى حدٍ ما من التدهور الكمي. هذا الأثر يكون ظاهراً بشكلٍ أكبر على الحواف الخارجية للسلسلة المكونة من 10 أيونات إتيربيوم، وهما الكيوبت الأول والعاشر في هذه السلسلة.
هذا البحث الذي يتعامل مع تطوير وفهم الكيوبتات والبنية الزمنية المرتبطة بها، يمثل خطوة مهمة نحو تطوير تقنيات تخزين المعلومات الكمومية على المدى الطويل. وإذا تمكن الفيزيائيون من دمج هذه الكيوبتات الموثوقة في أنظمة الكمبيوتر الكمي، فقد يؤدي ذلك إلى تحسين كبير في مجال معالجة وتخزين المعلومات الكمومية. هذا يعني أنه يمكن تحقيق استفادة أفضل من خصائص الكم وتطبيقها في مجموعة متنوعة من التطبيقات التكنولوجية مثل تشفير المعلومات ومحاكاة الأنظمة الكمومية وحل المشاكل المعقدة بشكلٍ أسرع من الكمبيوتر التقليدي.