منذ بضع سنوات قليلة، كانت النظارات الذكية جزءًا من روايات الخيال العلمي وأفلام الفانتازيا التي تتناول الواقع الحياتي من منظور غير طبيعي. ولكن في يومنا الحالي، أصبحت النظارات الذكية، والمعروفة أيضًا باسم النظارات التقنية، جزءًا من حاضرنا، وضمنت لنفسها مكانًا أساسيًا في مستقبلنا، وأحدثت ثورة في طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا، حتى أصبح من السهل أن يقع في حبها بعض المتمرسين من عشاق التكنولوجيا.
النظارات الذكية بمثابة تغييرًا لقواعد اللعبة في عالم التقنية، والتي تمزج بين الموضة وسلاسة الاستخدام وسهولة الوصول إلى الوظائف المتعددة. من حسن الحظ، أن الذكاء الاصطناعي استطاع أن يلامس جميع المجالات السابقة، وبشكل لا يُمكن إنكاره، الأمر الذي جعل من النظارات الذكية أدوات تقنية أكثر ملائمة وراحة للاستخدام اليومي.
هي ليست إحدى الحيل الأنيقة لسلب أموال عشاق التكنولوجيا، وإنما هي أدوات تقنية عملية جدًا ومفيدة يُمكن أن تجعل حياة الملايين من الأشخاص أكثر سهولة. إنها إحدى العجائب المبتكرة التي تتمتع بعدد كبير من القدرات والوظائف والميزات التي ترتقي لمستوى تجربة المستخدم الحياتية والتحديات التي تواجهه في حياته اليومية.
لم تحظى النظارات الذكية على قدر كبير من الشهرة والاهتمام حتى الآن لأنها مماثلة لنظارات الواقع الافتراضي والواقع المختلط، حيث يندر وجود العديد من التطبيقات للاستفادة منها، وهناك عدد محدود من الاحتمالات التي قد تحتاج فيها إلى النظارة الذكية. ولكن متى بالضبط تستشعر أنك في أشد الحاجة إلى إحدى النظارات الذكية وما الذي يمكنك فعله بها، فهذا ما سنتناوله اليوم بشكل مفصل.
■ ما هي النظارات الذكية في أبسط صورة لها؟
مثلها مثل أي نظارة تقليدية، يُمكن ارتداء النظارات الذكية على العينين، إلا إنها تحتوي على شاشتين كمبيوتر مُصغرتين لتوفير إمكانات الواقع المعزز أو الواقع المختلط، ما يجعلها قادرة على تحويل تصورات المستخدمين للعالم وتركيب المعلومات الرقمية في العالم الحقيقي للسماح للمستخدم بالتفاعل مع المحتوى الرقمي دون استخدام اليدين.
تحتوي النظارات الذكية على نظام عرض متطور يتم تهيئته بطريقته ليكون في مجال الرؤية بشكل دائم لعرض المحتوى الرقمي من الصور والنصوص والفيديوهات والأشياء ثلاثية الأبعاد على العدسة الشفافة، دون أن تختلط بمجال الرؤية المسموح به لرؤية العالم الحقيقي لخلق مزيج سلس بين العالم الافتراضي والواقع المادي.
تمتلك النظارات الذكية العديد من التقنيات المتطورة فائقة الصغر، مثل المعالجات والمستشعرات والكاميرات والمكبرات الصوتية ومودم الاتصالات اللاسلكي. تستفيد النظارات من الكاميرات لتصوير المحيط المادي بالمستخدم لفهم ومعالجة البيئة وتراكب المعلومات الرقمية وفقًا لها. تساعد أجهزة الاستشعار مثل أجهزة استشعار مقياس التسارع والجيرسكوب في فهم حركة رأس المستخدم لضبط زوايا المحتوى الرقمي المعروض في الوقت الفعلي على العدسة.
تسمح المكبرات الصوتية أو تقنيات الصوت المُعظّمة في دفق الصوت أو تلقي الأوامر الصوتية. بعض النظارات الذكية توفر إمكانات متقدمة مثل القدرة على اللمس أو النقر والتمرير أو الاستجابة لحركة إيماءات اليد في الهواء.
■ فوائد النظارات الذكية
تساعد النظارات الذكية أصحاب الإعاقات البدنية في الاستماع إلى الأوصاف البصرية للعالم المحيط والرقمي في الوقت الفعلي دون استخدام اليدين، كما يُمكنها التعرف على الأشياء والوجوه وتقديم الدعم الملاحي وتحسين إمكانية الوصول.
تُستخدم النظارات الذكية في عدد كبير من المجالات والصناعات وتطبيقات مختلفة للحياة اليومية بالنسبة لبعض المستخدمين. يُمكن الاستفادة من النظارات الذكية في بعض قطاعات الأعمال والمشاريع للتصنيع والخدمات الميدانية واللوجستية من أجل تلقي المعلومات عن بُعد بين العمال والموظفين ومسؤولين العمل ومديري المشروعات دون الحاجة لاستخدام اللاسلكي أو الهواتف المحمولة.
يُمكن لمس فوائد النظارات الذكية في مجال الطب والرعاية الصحية، حيث يستطيع الأطباء الوصول إلى معلومات وبيانات المرضى وتشخيص حالاتهم الصحية دون الحاجة لاستخدام اليدين. تُستخدم النظارات الذكية في بعض العمليات الجراحية المعقدة للغاية للسماح للجراحين بالاستفادة من تراكب الواقع المعزز أثناء العمليات الدقيقة
تقدم النظارات الذكية أبعاد جديدًة لتجارب الألعاب والترفيه للاستمتاع بالعالم الافتراضي ومشاهدة الأفلام على شاشة كبيرة افتراضية، دون تجاهل الجزء الأساسي الذي يربط المستخدم بالعالم المادي والبيئة الحقيقية المحيطة به. لقد ساعدت هذه النظارات في تحسين تجارب التعليم والتدريب على الوظائف والمهام بشكل كبير، سواء في مجال ترجمة اللغات أو المحاكاة الاصطناعية.
تجربة الواقع المعزز
توفر النظارات الذكية تناغم سلس للغاية بين الواقع الافتراضي والواقع المادي. يُمكن الاستفادة من هذه التكنولوجيا المبتكرة في عدد كبير من المجالات العلمية والتعليمية والترفيهية. فعلى سبيل المثال يمكنك تحويل بيئتك المادية المحيطة بك إلى عالم افتراضي للعب به.
بدلاً من ذلك يمكنك استخدام الواقع المعزز للحصول على الحقائق والمعلومات التاريخية حول المناطق والميادين التي تتجول فيها أثناء السياحة. تُستخدم النظارات الذكية في قطاع المعمار والهندسة والطب لتصور البيانات والمفاهيم المعقدة بطريقة ثلاثية الأبعاد للحصول على رؤى قيمة واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المشاريع وتطورها.
الاتصال بدون استخدام اليدين
إن الهدف الأسمى للنظارات التقنية أنها تجعل من السهل على أصحاب الإعاقات الجسدية القدرة على التواصل مع الآخرين بدون استخدام اليدين. يُمكن للنظارة إرسال واستقبال المكالمات الهاتفية والرسائل والوصول إلى العديد من المعلومات بفضل المساعدين الافتراضيين وبمساعدة الأوامر الصوتية – دون استخدام اليدين. من الممكن أن تكون مفيدة أيضًا أثناء قيادة السيارة أو عند القيام ببعض التمارين الرياضية.
تتبع الصحة واللياقة البدنية
على غرار الساعات الذكية، تحتوي النظارات الذكية على أجهزة استشعار لتتبع ضربات القلب وتقدير السعرات الحرارية وتتبع حالة النوم والعديد من المقاييس البيومترية الأخرى. يُمكن أن تساهم هذه البيانات في تحسين صحة الأفراد وتحقيق أهدافهم ومراقبة تقدمهم والحصول على التحفيز والإلهام وفقًا لاحتياجاتهم.
تحسين حياة الأفراد من ذوي الإعاقة
تعمل النظارات الذكية على تمكين ذوي الإعاقة لعيش حياة أكثر استقلالية وعدم الحاجة إلى مساعدة خارجية، الأمر الذي يساعد في سد فجوة التواصل وتعزيز الشمول. فعلى سبيل المثال، يُمكن تحويل النص إلى كلام للأشخاص الذين يواجهون مشاكل ضعف البصر. من الممكن أيضًا أن تقدم النظارة أوصافًا للبيئة المحيطة بالشخص عن طريق الكلام لفهم العالم الحقيقي المحيط به.
الأمان والسلامة العامة
تتمتع النظارات الذكية بعدد كبير من الميزات التي تضمن سلامة الأشخاص، بما في ذلك نظام تحديد المواقع الجغرافي واكتشاف السقوط والاتصال بالجهات المختصة في حالات الطوارئ. لعل الجانب السلبي الوحيد المتعلق بأمان النظارات الذكية يكمن في حماية الخصوصية، حيث لا تزال الشركات تحاول إيجاد حلولاً فعًالة لحماية بيانات المستخدمين.
الخلاصة
استطاعت النظارات الذكية أن تحدث ثورة في طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا. تطبيقات أساسية مثل تجارب الواقع المعزز والتواصل مع الآخرين والوصول إلى المعلومات دون استخدام اليدين من بين أهم الميزات الثورية التي تجعلها إحدى أكثر الأدوات التقنية التي لا غنى عنها بالنسبة لبعض الأشخاص. ومع ذلك، فإن احتمالات تطور هذه الأجهزة التقنية غير محدودة، ولكن لا تزال تكلفتها المرتفعة من بين التحديات التي تقف في طريق العديد من المستخدمين. مع تطور التكنولوجيا والوصول إلى المزيد من التحسينات، من المتوقع أن تنخفض أسعارها بصورة تدريجية، والتي ستجعلنا قادرين على احتضان المستقبل بقوة تكنولوجية مثيرة حقًا.