يستمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في إثارة الجدل مجددًا، وهذه المرة، الأمر مرتبط بشركة آبل، وتحديدًا فيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت الشركة الأمريكية قادرة على تصنيع منتجاتها داخل الولايات المتحدة بالمستقبل، حيث يعتقد ترامب “نعم، هذا ممكنًا”. لكن في الحقيقة، الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو.
آبل ليست مجرد شركة تكنولوجيا عادية، وقوية جدًا من الناحية الاقتصادية، ومنتجاتها التكنولوجية موجودة منذ سنوات طويلة. يحاول “ترامب” معالجة مسألة تصنيع الشركة الأمريكية لمنتجاتها خارج موطنها. للوهلة الأولى، يبدو وكأن قرار ترامب بالانسحاب من الصين ودول آسيا قرارًا وطنيًا ويلعب في صالح الاقتصاد الأمريكي، ولكن عند التدقيق، يبدو صعب التحقيق، إن لم يكن غير واقعيًا ومستحيلاً بالمقام الأول.
- اقرأ أيضًا: الرسوم الجمركية الجديدة بالولايات المتحدة: نقمة “دونالد ترامب” تضرب شركات التكنولوجيا وعلى رأسها آبل
ترامب يريد إجبار آبل على تصنيع الآيفون داخل الولايات المتحدة
اعتبارًا من يوم 9 أبريل، سيبدأ سريان تنفيذ الرسوم الجمركية الجديدة على الواردات القادمة من الصين وفيتنام والهند وتايلاند والعديد من دول آسيا، بالإضافة إلى بعض بلدان الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
ترامب لا يستهدف شركة آبل وحدها، وإنما هو يريد تعزيز الصناعة المحلية وزيادة الإنتاج داخل البلاد. لهذا، صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال مؤتمر صحفي، بأن الرئيس الأمريكي مقتنع تمامًا بقدرة آبل على تصنيع الآيفون والأجهزة الأخرى داخل الولايات المتحدة.
قالت ليفيت: “تبلغ قيمة استثمارات آبل في الولايات المتحدة 500 مليار دولار أمريكي، ولدينا الأيدي العاملة والموارد المطلوبة”. لا يتعلق قرار ترامب بأجهزة الآيفون وحدها، وإنما بأساس البنية التحتية للشركة، بما في ذلك نظم الخوادم السحابية.
حقيقة إنتاج هواتف الآيفون
تتكون هواتف آيفون من عدد كبير من المكونات، يتم تصنيعها في أكثر من 50 دولة مختلفة، كما تستورد شركة آبل العناصر الأرضية النادرة من 79 دولة. معظم هذه المكونات غير موجودة في الولايات المتحدة. بمعنى آخر، إن عملية الإنتاج المتكاملة لأجهزة الآيفون تتم عالميًا، وبالتالي فإن الاستعانة بدولة واحدة فقط، سواء كانت الولايات المتحدة أو غيرها، أمرًا شبه مستحيلاً.
حتى لو اقتصر التجميع على الولايات المتحدة، فسيكون لهذا تداعيات سلبية على تكلفة الهاتف في سوق المستهلك. السبب في ذلك هو أن تكلفة المعيشة والأجور مرتفعة للغاية في الولايات المتحدة مقارنةً بدول آسيا، ناهيك عن مشكلة نقص الخبرة التي يتمتع بها العمال الآسيويين.
في عام 2017، صرّح تيك كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، بأن تصنيع الآيفون في الصين لا يتعلق بالتكلفة فحسب، وإنما يتعلق بالخبرة والمعرفة التقنية اللازمة بالمقام الأول، حيث تمتلك الصين أفضل العمال والتقنيين المهرة، بالإضافة إلى الأدوات عالية الجودة والدقة.
في حين أن ترامب يريد إجبار آبل على زيادة إنتاجها محليًا، الأمر الذي يتماشى مع استراتيجيته الاقتصادية، إلا أن هذا الأمر غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع. إن عملية تصنيع الآيفون معقدة للغاية، ولا يُمكن نقلها ببساطة خارج الصين، لا من الناحية التقنية ولا الاقتصادية. بالرغم من ذلك، لا نعلم إلى أي مصير ستقود الرسوم الجمركية المرتفعة شركات التكنولوجيا في المستقبل!