على الرغم من إنها لا تزال حلم بعيد المنال لبعض البلدان والدول الفقيرة، إلا أن شبكة الجيل الخامس 5G كانت في تطور مستمر منذ إطلاقها في عام 2016. يُعرف الإصدار الأحدث من شبكة الجيل الخامس باسم 5G Advanced، والذي يُشار إليه أحيانًا باسم 5G Enhanced، والذي يعني “اتصال شبكة الجيل الخامس المُعززة”. بالرغم من ذلك، يعمل باحثون في جامعة أديلايد على مناهج مختلفة ستجلب تكنولوجيا شبكات الجيل السادس 6G في المستقبل المنظور.
بتمويل دولي موسع، استطاع بعض الباحثون في جامعة أديلايد الأسترالية تطوير شريحة صغيرة قادرة على إدارة موجات التيراهرتز عبر نقاط مثالية من الطيف الكهرومغناطيسي والموجات الدقيقة والأشعة تحت الحمراء، والتي أسفرت عن نتائج واعدة للتطبيق المحتمل لتكنولوجيا شبكة الجيل السادس 6G مع الوعد بتقديم ضعف سرعة نقل البيانات القياسية لشبكة 5G الحالية. ستتمتع أنظمة الاتصالات العالمية المتطورة القائمة على موجات التيراهرتز بالقدرة على تجاوز ضعف سرعات نقل البيانات الحالية بفارق هائل جدًا.
ستحقق شبكات الجيل السادس 6G القائمة على موجات التيراهرتز سرعة نقل بيانات قياسية
تتمثل الفائدة الكبرى من موجات التيراهرتز أنها قادرة على نقل كميات هائلة من البيانات مع أقل عدد ممكن من المشاكل المحتملة. على الرغم من أن هناك بعض البلدان التي لا تزال تعتبر شبكات 4G و 5G قوية بمفردها، إلا أن شبكة الجيل السادس 6G المستندة إلى موجات التيراهرتز ستكون أشبه بتطوير طريق أكثر اتساعًا مؤهل لتحسين حركة المرور في المناطق المزدحمة لدرجة أنها ستجعل ما نسميه اليوم بالسرعات العالية تبدو بطيئة للغاية بالمقارنة.
في بحثهم، تم استخدام شريحة صغيرة للغاية بحجم 250 ميكرومتر ، أطلقوا عليها لقب “مضاعف الاستقطاب” والمصنوعة من رقائق السيليكون التي تتطلب مقدار محدد من المقاومة الكهربائية العالية كشرط أساسي. استطاع الباحثون اختبار هذه الشريحة في عدة تجارب مختلفة باستخدام موجات التيراهرتز، ونجحت في تجاوز أغلب العقبات الرئيسية بفعالية كبيرة.
ومع ذلك، يُقال أنه من الصعب دائمًا إدارة هذه الأنواع من الموجات اللاسلكية بكفاءة عالية. ولكن ما نجحت فيه شريحة “مضاعف الاستقطاب” يعد إنجاز كبير في العمل كشرطي مرور قادر على توجيه الموجات بأقل نسبة ممكنة من فقدان الإشارة. قد يثمر هذا البحث عن تطبيق معيار جديد في تكنولوجيا الاتصالات، والذي قد يحصل على لقب 6G، خاصة أن متوسط فقدان الإشارة اللاسلكية في هذه الشريحة لم يتخطى حاجز 1 ديسيبل.
سرعة نقل بيانات تصل إلى 190 جيجابت في الثانية
بدأ الباحثون في اختبار سرعة نقل إشارتي فيديو في وقت واحد عبر رابط تيراهرتز لتحديد قدرة الشريحة الجديدة في العالم الحقيقي. أظهرت الاختبارات أن شريحة “مضاعف الاستقطاب” قادرة على نقل البيانات بسرعة وصلت إلى 64 جيجابت في الثانية عبر إحدى القنوات التقليدية، بينما وصلت السرعة باستخدام مخطط أكثر تعقيدًا QAM-16 إلى 190 جيجابت في الثانية.
قد يساعد هذا الإنجاز إلى إحداث ثورة في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والتفاعل عن بُعد. بينما يهدف معظم الأشخاص إلى الاستفادة من السرعة القصوى في نقل البيانات، إلا أن هناك من لا يستطيع تجاهل أهمية المستويات المنخفضة من فقدان الإشارة. ستلعب تقنية 6G دور حاسم في تحسين تجربة الألعاب عبر الإنترنت، والقدرة على تنفيذ العمليات الجراحية عن بُعد مع أقل نسبة ممكنة من التأخير دون المساومة على دقة وجودة الصورة العالية. ستكون تكنولوجيا 6G مفيدة بشكل خاص لتجارب الواقع الافتراضي لتوفير تجربة أكثر واقعية وخالية من التأخير.
عقبات في منتصف الطريق
لا يُمكن تطبيق أي تكنولوجيا حديثة دون مواجهة عقباتها، وتنفيذ تكنولوجيا موجات التيراهرتز ليست خالية منها. فعلى سبيل المثال، تبين خلال الاختبارات أن هناك بعض العوامل البيئية التي قد تؤثر على سرعة نقل البيانات وجودة الإشارة بسبب العوائق التي توجد في منتصف الطريق بين مصدر الإشارة وأجهزة الاستقبال. يجب أيضًا امتلاك معدات لاسلكية حديثة مؤهلة للاستفادة من موجات التيراهرتز، والتي لن تكون بثمن رخيص بما أن التقنية لا تزال حديثة تمامًا.
يُقال أيضًا أن شريحة “مضاعف الاستقطاب” تحتاج إلى بعض التحسينات للتعامل بشكل أفضل في البيئات المزدحمة لضمان توفير اتصال ثابت ومستقر للمنصات التي تتطلب سرعات مستقرة. لذلك، قد يكون من المبكر لأوانه تطبيق تكنولوجيا 6G في الوقت الحالي، خاصة أن العمل على تحسين تقنية 5G مستمرًا حتى الآن. ولكن يتخيل الباحثون أنه في غضون أقل من عقد واحد (10 سنوات) سوف تتبنى جميع الصناعات تكنولوجيا موجات التيراهرتز التي من المتوقع أن تُحدث ثورة في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية.