لا يخفى على أحد المكانة التي وصلت إليها بعض شركات التكنولوجيا بفضل الذكاء الاصطناعي الذي ساعدهم في صقل العديد من الجوانب التقنية التي لم يكن لديهم سيطرة كاملة عليها لفترة طويلة من الوقت. بمعنى آخر، إنه إحدى مواتير عجلة النمو التي أدت إلى زيادة وتعزيز الطاقة الإنتاجية بشكل كبير.
وما من شيء في هذه الحياة أجمل من الحصول على المزيد والمزيد. إنه الجشع الذي يدفع الآن بعض الشركات للوصول إلى بيانات المستخدمين بطريقة أو بأخرى، لتحقيق الهدف المنشود، بأي تكلفة كانت. معظمنا يعرف بالفعل أن هذه الشركات تستخدم البيانات الخاصة بنا المُبعثرة في جميع أنحاء الانترنت، وربما رضينا وتراضينا بالأمر الواقع.
ولكن هناك بعض الممارسات الخبيثة التي تحدث في الخفاء وتبدو غير طبيعية بالمرة ويصعب على العقل فهمها أو تقبلها. إحدى مظاهر هذه الممارسات هي الوصول إلى البيانات التي نحتفظ بها محليًا على أجهزتنا الشخصية لاستغلالها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاص بتلك الشركات، وهو نفس السبب الذي وضع شركة مايكروسوفت مؤخرًا في دائرة الاتهام بسبب الاستفادة من التخزين السحابي لحزمة تطبيقات مايكروسوفت 365 الخاصة بالمستخدمين دون الحصول على موافقتهم.
نحن على يقين أن الذكاء الاصطناعي موجود لإحداث ثورة في حياة البشر بشكل إيجابي. تحاول معظم الشركات إخبارنا بهذه الحقيقة مرارًا وتكرارًا. ومع ذلك، فهي ذاتها نفس الجهات التي تحاول استخدام التكنولوجيا المتطورة بطريقة غير أخلاقية تثير غضب الكثير من الناس. وهذا أمر مفهوم تمامًا، فليس من حق الشركات استخدام المعلومات التي لا يحق لها الوصول إليها بدون الحصول على موافقة الناس.
لسوء الحظ، يؤسفنا أن نخبركم بأن واحد من أشهر تطبيقات العمل الإنتاجي التي نستخدمها يوميًا في الأعمال المكتبية – Microsoft Office 365 – هو في الواقع ديناصور ركس يلتهم الأخضر واليابس في الخفاء لتدريب الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة الأم.
اقرأ أيضًا: انقراض البشرية : موظفي شركة OpenAI ينددون بمخاطر الذكاء الاصطناعي علانية
انعدام الثقة في شركة مايكروسوفت
الآن، أصبحت مايكروسوفت مُتهمة بتدريب ذكاءها الاصطناعي على بيانات المستخدمين التي يتم تخزينها على خدماتها السحابية. وبعد أن تأكدنا أن معظم الشركات تستخدم البيانات الخاصة بنا، يبحث الآن العديد من الأشخاص عن الطرق المتاحة التي تُمكّن مايكروسوفت من تدريب الذكاء الاصطناعي الذي طوروه.
وجميع أصابع الإدانة متجهة صوب مايكروسوفت، الشركة الأم التي تقف وراء نظام ويندوز الذي نستخدمه على أجهزة الكمبيوتر الشخصية الخاصة بنا. الآن، تنهار الثقة في واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا المُدانة باستخدام ملفات Word و Excel الخاصة بالمستخدمين لتدريب نماذج اللغة الهائلة LLM الخاصة بأدوات الذكاء الاصطناعي التي تعمل عليها.
أحد الأشخاص على منصة X قال إن الطريقة التي تستخدمها مايكروسوفت هي تحميل ملفات الــ Word و Excel عبر خاصية Connected Experience التي يتم تفعيلها بشكل تلقائي على مجموعة تطبيقات حزمة Microsoft Office 365. هذا يعني ببساطة أن جميع ملفاتك يتم تحميلها ورفعها على السحابة تلقائيًا لاستخدامها في تدريب الذكاء الاصطناعي، طالما لم تقم بتعطيل تلك الميزة يدويًا.
موقف مايكروسوفت ضبابيًا رغم الإنكار
بالتأكيد، مايكروسوفت تجاوبت مع الأمر، وصدرت تقرير تقول فيه أن خدمة Connected Experience هي إحدى خدماتنا الخاصة التي كانت ولا تزال في طبيعة أعمالنا لحفظ أعمال المستخدمين على السحابة عبر الانترنت، وهذه المعلومات لا تُستخدم في تدريب الذكاء الاصطناعي الذي نعمل عليه. وقالت أيضًا أن هذه الوظائف هي ما تسمح للأشخاص بالوصول إلى أعمالهم من أي مكان بفضل “التجارب المتصلة” على غرار التعاون المشترك بين فرق العمل والموظفين.
على كل حال، شئنا أم أبينا، لن نستطيع أن نغيّر من الوقع المرير الذي فُرض علينا في النهاية. ومع ذلك، هناك بعض الإجراءات الاحتياطية التي يمكننا الالتزام بها للحفاظ على أي جزء تبقى من كرامتنا. فعلى الأقل، هذه الشركات توفر بعض الطرق التي تسمح لك بعدم مشاركة بياناتك معها على الانترنت.
فإذا كنت لا تثق في مايكروسوفت، فيستحسن أن تقوم بتعطيل وظيفة Connected Experience من إعدادات وخيارات الخصوصية الموجودة ضمن خيارات الملفات. قم بالنقر فوق زر “File” ثم “Options” ثم “Trust Center” ثم “Trust Center Settings” ثم “Privacy Options” ثم “Privacy Settings” وقم بإزالة علامة التحديد من داخل المربع الموجود بجوار “Optional Connected Experience“.
