Unboxing Geeks

لماذا تعمّدت أبل تجنّب الذكاء الاصطناعي في مؤتمر المطورين؟

لماذا تعمّدت أبل تجنّب الذكاء الاصطناعي في مؤتمر المطورين؟

هل تابعت مؤتمر المطورين WWDC 2023 بالأمس؟ لابد أنّك لاحظت تعمّد أبل تجنّب الذكاء الاصطناعي طوال مدة المؤتمر.

إذا نظرت عن كثب، ستجد نوعان من شركات وادي السيليكون؛ النوع الأول يشبه نوعًا ما كرة قدم الشوارع، حيث يوجد الأطفال الصغار جدًا أو الكبار الذين اعتزلوا منذ زمن! حيث يتجمع كل لاعب حول الكرة.

وفي عام 2023، هذه الكرة هي الذكاء الاصطناعي التوليدي، وبدأ التجمع عندما رأى الجميع تلك الأرقام المذهلة التي حققها منتج ChatGPT من شركة OpenAI.

وقرر المستثمرون أن الذكاء الاصطناعي هو الشيء الكبير القادم، وبدأت الأسهم تتصرّف وفقًا لذلك، ثم بدأت مئات شركات التكنولوجيا – بما في ذلك معظم الشركات الكبيرة – في مطاردة المال.

وهناك وادي السيليكون الثاني، والذي يتألف بشكل كبير من شركة أبل؛ حيث تتم إعادة تشكيل المنتجات بدقة لسنوات – إن لم تكن عقودًا – قبل أن ترى النور، ويتم تجاهل التكنولوجيا القصيرة الأجل على نحو مدروس.

ورغم اعتقاد الكثيرين أن نظارات الواقع الافتراضي / المُعزز شيء من الماضي، يبدو أن أبل تعتقد عكس ذلك بإطلاقها نظارة Vision Pro.

وبينما يقول الناس أن الذكاء الاصطناعي سيغير كل شيء، لم تذكر أبل هذا المصطلح ولو مرة واحدة في عرضها الرئيسي لمؤتمر WWDC يوم أمس الاثنين، حتى لو كان عدم القيام بذلك قد يؤثر بشكل سلبي على سعر الأسهم.

على جانب آخر، تُعد جوجل جزء من وادي السيليكون الأول، ولهذا السبب كان عرض مؤتمر جوجل للمطورين Google IO 2023 الشهر الماضي مليئًا بالحديث عن الذكاء الاصطناعي.

حيث ذكرت عملاقة البحث عبارة الذكاء الاصطناعي 99 مرة في ساعتين تقريبًا. على سبيل المثال، لم يتم الإشارة إلى جهاز بكسل باعتباره هاتف ذكي، بل كان «مصممًا كحاسوب محمول يعتمد على الذكاء الاصطناعي يوفر تجربة شخصية للذكاء الاصطناعي» حسب وصف جوجل.

والآن يأتي تيم كوك مع عرضه الرئيسي لمؤتمر WWDC 2023، ونفس الجمهور (المطورون والمحللون والصحفيون)، ونفس الأجواء المليئة بالهوس حول التكنولوجيا.

ولكن لا يوجد أي إشارة إلى الذكاء الاصطناعي، حرفيًا صفر.

apple store

سياسة أبل بخصوص التقنيات الذكية

استخدمت أبل عبارة «تعلم الآلة» سبع مرات في حدث WWDC 2023، ورغم أن مصطلح الذكاء الاصطناعي يساوي تعلم الآلة بالنسبة للكثير من الناس، إلا أن أبل تجنبت الإشارة إلى مصطلح الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص.

ومع ذلك، أضافت الشركة الكثير من التقنيات الذكية، فهناك تعلم الآلة في ملفات PDF ضمن تطبيق الملاحظات، وفي تطبيق Journal الجديد، وفي اكتشاف الضوضاء في سماعات AirPods.

كما قال رئيس برامج أبل «كريغ فيدريجي» أن إنشاء شاشة قفل آيباد عبر LivePhoto يستخدم «نموذج تعلم آلي متقدم». وإذا كان المؤتمر خاص بجوجل لكانت أطلقت على هذه التقنية «خلفية شاشة تعمل بالذكاء الاصطناعي».

نفس الأمر يتكرر في ميزة التصحيح التلقائي في تطبيق الرسائل iMessages، الذي يستخدم «نموذج لغوي متحوّل حديث الصنع» كما أخبرنا فيدريجي.

هل تعلم ما هو النموذج اللغوي المتحوّل حديث الصنع الآخر؟ إنّه ChatGPT!

حتى نظارة Vision Pro، كان بإمكان أبل القول أنها مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

وبدلاً من ذلك، قالت أنّها «تستخدم شبكة عصبية متقدمة». ومعروف أن الشبكة العصبية هي شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي التي تحاول نسخ أسلوب الإجراء المعلوماتي للدماغ البشري!

نظرًا لأن الشركة تحب الحفاظ على بساطة لغة التسويق الخاصة بها بشكل فائق، يبدو أن اختيار هذه المصطلحات كان متعمدًا.

لماذا؟ الجواب بسيط.

أبل تدرك حقيقة بسيطة تغفل عنها جوجل ومجموعة الشركات التقنية الأخرى: بالنسبة للمستخدم العادي، الذكاء الاصطناعي شيء مُخيف أكثر من مفيد. ولا يجب أن تروّج الشركات لكيفية استخدامه في منتجاتها، بل يجب الترويج لكيفية حماية المستخدمين منه.

وقد أشار فيدريجي إلى هذه النقطة بشكل خفي.

ففي مقابلة مع موقع فاست كومباني، أثار رئيس البرامج المخاوف المتعلقة بالتلاعب بالفيديوهات التي يقودها الذكاء الاصطناعي: مثل شخص يدعي أنه أحد أفراد عائلتك ويطلب منك كلمة المرور.

وقال فيدريجي: «نريد أن نفعل كل ما في وسعنا للتأكد من أننا نحذر من هذه المخاطر في المستقبل».

لماذا تعمّدت أبل تجنّب الذكاء الاصطناعي في مؤتمر المطورين؟ 1

نجاح أبل يكمن في التمسّك بمبادئها

أي مُتابع لشركة أبل عن كثب يعرّف هذه التكتيكات، فرئيس الشركة «تيم كوك» يعلم أن الملايين من المستخدمين يشعرون بالقلق بشأن خصوصيتهم في عالم تريد فيه جميع شركات التقنية بيع بياناتهم الشخصية.

ولكن أبل لا تحتاج إلى بيع بياناتك، فهي تحصل على ربح كبير من بيع الأجهزة. وهي دائرة مُغلقة في الواقع، فالمستخدم مستعد لدفع الكثير من المال مقابل منتجات ايفون وايباد والماك للحصول على شعور الأمان الذي تُصدّره أبل، حتى لو كانت الحقيقة عكس ذلك في بعض الأحيان.

الأمر نفسه ينطبق على الذكاء الاصطناعي، فربما تقول أبل لنفسها: دع جوجل وشركات التكنولوجيا الأخرى تحاول إقناع المستخدمين بالأجهزة المحمولة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

فجهاز ايفون هو الهاتف الذكي الأكثر أمانًا الذي يمكنك شراؤه وسيظل كذلك.

وعلى الرغم من انخفاض سهم أبل لفترة وجيزة من 181 دولار إلى 178 دولار بعد انتهاء المؤتمر، إلّا أنّه عاد للارتفاع إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في وقت لاحق.

ربما، في يوم من الأيام بعد هدوء الزخم الإعلامي حول الذكاء الاصطناعي، ستعيد أبل تطوير سيري لتعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي وتُصبح أكثر قُربًا من ChatGPT.