رويدًا رويدًا، يبدأ شاحن السيارات الكهربائية من تسلا للتحوّل إلى معيار صناعي تعتمد عليه مُختلف الشركات المُصنّعة للسيارات الكهربائية في أميركا الشمالية خصوصًا، وربما عالميًا في وقت لاحق.
بعد مرور أكثر من قرنٍ على انتصار نيكولا تسلا في حرب التيارات الكهربائية، بدأت شركة السيارات الكهربائية التي تحمل اسمه في الانتصار في حروب شواحن السيارات الكهربائية.
اعتماد شاحن السيارات الكهربائية من تسلا
في يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت شركة فولفو اعتماد معيار شاحن السيارات الكهربائية من تسلا في أميركا الشمالية والمعروف اختصارًا بـ NACS.
وستتميز السيارات الكهربائية الجديدة من فولفو بموصلات NACS اعتبارًا من عام 2025، وستكون هناك محولات للنماذج الحالية متاحة في النصف الأول من العام المقبل.
في نفس اليوم، أفادت منظمة المعايير الرئيسية إمكانية استعراض تقنية NACS كمعيار صناعي محتمل.
أصبحت فولفو أول شركة تصنيع سيارات أجنبية تتبنى تقنية الشحن الخاصة بتسلا، ولكن خطوة الشركة تلت أخبارًا مماثلة من فورد وجنرال موتورز وريفيان خلال الأربعة أسابيع الماضية.
وفي يوم الخميس، كشفت شركة بولستار السويدية الأخرى أن سياراتها الكهربائية ستأتي أيضًا بموصلات NACS اعتبارًا من عام 2025.
وكان هذا الأسبوع مليئًا بالإعلانات الهامة من تسلا، التي كانت لفترة طويلة القوة السائدة في قطاع السيارات الكهربائية، ويأتي الخبر في وقتٍ مناسبٍ: حيث من المتوقع تجاوز مبيعات السيارات الكهربائية مليون مركبة هذا العام لأول مرة على الإطلاق، بالتزامن مع تزايد الاهتمام بالسيارات الكهربائية.
كما تنخفض الأسعار بسبب تسهيل سلسلة التوريد والإعفاءات الضريبية الجديدة للسيارات الكهربائية في أميركا بمقدار 7500 دولار، بينما تعد خطة إدارة بايدن بتخصيص 51 مليون دولار لإنشاء 500 ألف محطة شحن عامة للسيارات الكهربائية بمثابة إجراء مهم لتخفيف القلق بشأن المدى.
ولكن يحتاج جميع هؤلاء السائقين إلى توصيل سياراتهم بشاحن بمجرد العثور على محطة شحن، وNACS ليس المعيار الوحيد المتوفر في السوق.
معيارين رئيسيين
بخلاف سيارات تسلا، جميع السيارات الكهربائية على الطرق في الولايات المتحدة اليوم تحتوي على موصلات CCS، التي وضعتها مبادرة Charging Interface Initiative تُعرف اختصارًا (CharIN)، وهي تحالف لشركات السيارات الأوروبية.
لقد كانت إدارة بايدن تعمل على الترويج لتقنية موصلات CCS لتصبح المعيار الصناعي المعتمد، وتتطلب المحطات التي تتلقى تمويلًا حكوميًا أن تتضمن هذه التقنية.
يتطلب استخدام اتصال لا يتوافق مع موصل الشحن الخاص بك وجود مُحوّل، وأحيانًا يلزم استخدام أجهزة إضافية.
لكن راحة المستهلك ليست المشكلة الوحيدة: يقول الخبراء إنه في المدى البعيد، سيتم تحميل تكاليف الحفاظ على اثنين من المعايير الصناعية على المستهلكين النهائيين.
وقدمت تسلا تقنية NACS في عام 2012 وجعلتها متاحة للشركات المصنعة الأخرى في العام الماضي.
قد يهمك: Tesla تطلق شاحن لاسلكي وتعلن بداية دخولها سوق جديد!
وعلى الرغم من أن التقنيات التي تقف وراء موصلات CCS و NACS مشابهة إلى حد كبير، فإن الموصلات الخاصة بمعيار NACS لا تحتوي على أجزاء متحركة، ووفقًا لتسلا فهي تقدّم ضِعف قوة الموصلات الخاصة بمعيار CCS وبحجم أصغر.
وقال أركادي سوسينوف، مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تكنولوجيا الشحن فري واير: “إن الموصل الفعلي مختلف تمامًا، فـ NACS أخف وأصغر حجمًا وأسهل في الاستخدام”.
شحن السيارات الكهربائية والتنظيم الحكومي
جعل بايدن تحويل الطرق الأمريكية إلى الكهرباء أحد أولوياته في فترته الرئاسية الأولى. وخصص مشروع البنية التحتية البينية ثنائي الأطراف الذي وقعه في عام 2021 بمبلغ 1.2 تريليون دولار مليارات لتسريع اعتماد السيارات الكهربائية.
وفي شهر مايو، أعلن البيت الأبيض عن إنشاء التحالف الوطني لتجربة الشحن، المكلف بالإشراف على معالجة الدفع، ومشاركة البيانات، والتواصل بين السيارة والشاحن.
وقال وزير النقل بيت بوتيجيج في بيان: “ثورة السيارات الكهربائية قد بدأت بالفعل، وسيساعد هذا التمويل على ضمان أن يتمكن كل أمريكي من الاستفادة من فوائد الطاقة الكهربائية والاعتماد على شبكة شحن سيارات كهربائية موثوقة في جميع أنحاء البلاد”.
وقال سوسينوف: إن وجود معيارين منافسين هو عقبة حقيقية في تحقيق هذا الهدف. وعلى الرغم من أن أيام موصل CCS ربما تقترب على نهايتها، فإنه من المرجح أن يستغرق بعض الوقت قبل أن يختفي هذا المعيار.
وأضاف سوسينوف في مقابلة مع وسائل الإعلام: “هناك الكثير من السيارات على الطريق الآن تحتوي على موصلات CCS. وجميع السيارات الكهربائية التي ستصدر في العام المقبل. وهذا أكثر من مليون سيارة”.
وعلى الرغم من تقدم NACS، فإن مشروع البنية التحتية البينية الثنائي الأطراف لا يزال يتطلب موصلات CCS في محطات الشحن التي تتلقى تمويلًا حكوميًا.
هناك أكثر من 19,000 موصل سوبرتشارج من شركة تسلا في الولايات المتحدة، تنتشر في ما يقرب من 1,800 محطة.
وفي وقت سابق من هذا العام، بدأت تسلا في جعل حوالي 12,000 موقعًا متاحة للسيارات الكهربائية الأخرى التي تحتوي على موصلات NACS أو المحولات.
ومعظم محطات الشحن العامة في الولايات المتحدة هي محولات بطيئة من المستوى 2، والتي يمكن أن تستغرق حتى ثماني ساعات لإعادة شحن البطارية بالكامل.
بالمقارنة، فإن استخدام شحن التيار المستمر السريع مع موصل سوبرتشارج يمكنه شحن بطارية السيارة بالكامل في أقل من ساعة.
اقرأ: تسلا تطلق أكبر محطة شحن للسيارات الكهربائية بالعالم في شانغهاي
وصف الرئيس التنفيذي لشركة فولفو “جيم روان” عدم وجود بنية تحتية عالمية ومناسبة للشحن كمثبط كبير لنمو السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
وقال روان في بيان: “اليوم، مع هذه الاتفاقية، نحن نخطو خطوة كبيرة نحو إزالة هذا الحاجز عن سائقي فولفو”.
وكانت فولفو قد أعلنت سابقاً عن خطط لوقف إنتاج سيارات المحركات الاحتراقية الداخلية بحلول عام 2030.
وهي تنتج حاليًا سيارتين كهربائيتين، XC40 و C40 Recharge، وأعلنت عن إضافة EX30 و EX90 للعام المقبل.
نحو معيار شحن موحّد للسيارات الكهربائية
تعمل SAE International، التي كانت تعرف سابقاً باسم جمعية مهندسي السيارات، على تسريع تبني موصّل NACS كمرشح محتمل لمعيار صناعة الشحن.
وتعمل المنظمة مع الجهات الحكومية لوضع بروتوكولات التشغيل المتكاملة. وعلى الرغم من الاسم، فإن موصل شحن تسلا في أمريكا الشمالية لم يتم مراجعته من قبل أي هيئة تنظيمية.
وقال فرانك مينشاكا، رئيس الحلول المستدامة للتنقل، وهي فرع من الشركة الأم لـ SAE: “سيوفر توحيد موصل NACS اليقين والاختيار الموسع والموثوقية والراحة للمصنعين والموردين والأهم من ذلك زيادة الوصول إلى الشحن للمستهلكين”.
وقالت SAE International إنها تأمل في الحصول على تكوين معياري خلال الستة أشهر القادمة يتضمن كل شيء بدءًا من سرعات الشحن والاتصالات والموثوقية والأمان السيبراني، وفقاً لوكالة الأسوشيتد برس.
وقد لا تكون CharIN مسرورة بالتقدم الأخير لمعيار NACS. وقالت في بيان صادر في 12 يونيو: “تخلق الإعلانات المبكرة وغير الموحدة للتغييرات حالة من عدم اليقين في الصناعة وتؤدي إلى عراقيل الاستثمار”. كما وصفت معيار CCS بأنه “المعيار العالمي” لتكنولوجيا الشحن.
وبخلاف NACS، أضافت CharIN أن نسختها “مستقبلية لدعم العديد من الحالات الاستخدامية الأخرى بعيداً عن الشحن السريع العام”.
وفي بيانها، اعترفت بأن NACS بحاجة لمراجعة هيئات المعايير مثل SAE International نظراً لأن العديد من شركات صناعة السيارات بدأت في تبنيه.
وقالت: “يحتاج العملاء وصناعة السيارات الكهربائية إلى معايير شحن موثوقة مفتوحة لضمان الثقة في التوافر والموثوقية والسلامة والقدرة على التكيف مع المعيار على مر الزمن”.
اقرأ: تسلا تبدأ في تركيب محطات شحن سوبرتشارجر 4 في هولندا
كيف يبدو المستقبل؟
تزداد المنافسة وتشتعل في هذا السوق، حيث أعلنت إليكتريفاي أميركا، أكبر شبكة للشحن السريع للتيار المستمر في الولايات المتحدة، يوم الخميس أنها تعمل على إضافة موصلات NACS إلى جميع محطاتها بحلول عام 2025.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت كلٌ من ولاية تكساس وواشنطن أنهما يعتزمان الطلب من شركات الشحن بتوفير موصلات NACS بالإضافة إلى موصلات CCS إذا كانوا يرغبون في الحصول على عقود لتحويل الطرق السريعة إلى الكهرباء.
وفي تكساس، سيكون لكل منفذ شحن سريع للتيار المستمر موصل CCS وموصل NACS.
وقال جوليان ديفرو، المتحدث باسم الوكالة: “إن إدارة النقل في تكساس تقود الطريق في وضع خطة لضمان وصول جميع سكان تكساس إلى بنية تحتية للسيارات الكهربائية، وسيوفر توفير الموصلات الأكثر شيوعًا في كل محطة شحن خيارات أكثر لسائقي السيارات الكهربائية”.
ويعتبر الحماس المتزايد لنظام NACS أخبارًا جيدة للصناعة والمستهلكين، ولكن مشاركة SAE غير مرغوبة، وفقًا لسوسينوف، حيث قال: “عندما تتدخل هيئة المعايير، سيطلب جميع المصنعون مراعاة خاصة بهم، وسيكون هناك الكثير من الطهاة في المطبخ وسيؤدي ذلك فقط إلى تخفيف فعالية الموصل الجديد”.
وفقاً لسوسينوف، فإن إضافة نظام NACS ستزيد من التكاليف.
وقال: “لديك موصلان، وشاحنان، ومعياران. ستزيد تكاليف الحصول على الشهادة، والتي ستتحملها الأسواق القريبة من محطات الشحن، مثل المتاجر ومحطات الوقود والمطاعم، وسيتم تحويلها إلى المستهلكين”.
